كيف تعد بحثا؟
حتى يستطيع الباحث إعداد بحثِ لابد من معرفته للأصول العلمية لمفردات البحث والقدرة على التعامل مع أدواته البحثية، وخلال هذا العرض المبسط سنتعرض لأهم مفردات البحث العلمي.
عنوان البحث
من المسلم به أن لكل بحث عنوان معين ومحدد يعبر بدقة ووضوح وإيجاز عن طبيعة البحث ومجالها، وهناك بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها من جانب الباحث عند كتابة عنوان البحث وهى:
- هل يحدد العنوان ميدان المشكلة تحديدا دقيقا؟
- هل العنوان واضح وموجز ووصفي بدرجة كافية تسمح بتصنيف الدراسة في فئتها المناسبة؟
- هل تم تجنب الكلمات التي لا لزوم لها مثل (دراسة في) أو (تحليل ل) وكذلك العبارات الناقصة المضللة؟
- هل وضعت الكلمات الأساسية في عبارة العنوان؟
صفات العنوان الجيد
- أن يكون محددا وواضحا ومختصرا.
- بعيد عن الإثارة غير المفيدة.
- العلاقة بين متغيرين على الأقل.
- أن يعكس مشكلة الدراسة.
- أن يتم معه إحصائيا.
- أن لا يتجاوز العنوان(15) كلمة.
المقدمة
يشير الباحث فيها بإيجاز إلى الكتابات والبحوث السابقة موضحا الصلة بينه وبين الموضوع الذي يقترح بحثه، ويتم توضيح بعض الأفكار والمفاهيم الأساسية ذات الدلالة بالنسبة لبحثه، ويمكن أن يوضح في هذه المقدمة بعض الثغرات والمشكلات الملحة القائمة في المجال التربوي والتي تحتاج إلى حلول وقرارات تستند إلى بحوث علمية.
صياغة مشكلة الدراسة
تعنى مشكلة البحث موضوعات ومشكلات ومجالات وأفكار البحث العلمي وهى المقومات الأساسية التي يساهم تحديدها في بلورة وتوضيح المعالم الرئيسية، ‘إن مشكلة البحث مرتبطة بالافتراضات التي يستند إليها، ونوعية المعلومات والبيانات والوسائل والعينات والأمثلة و التجارب والأساليب وأنواع المناهج العلمية التي يستعان بها في إعداد البحث، وتتوقف مشكلة البحث على عوامل منها:
- نوعية العلم، أي نوعية المعرفة والمجال العلمي موضوع البحث.
- التخصص العلمي، حيث يعكس الإلمام الكبير والدراية بالمشكلات التي هي محل البحث.
- الميل العلمي، وهو حب الاستطلاع وإيجاد الحلول لهذه المشكلة.
- الهدف العلمي، يتمثل في رغبة الباحث في الوصول إلى نظرية علمية جديدة.
وهناك ثلاثة محكات رئيسة يجب مراعاتها عند تحديد المشكلات بشكل دقيق وهى:
- يجب أن تحدد المشكلة علاقة بين متغيرين أو أكثر.
- يجب أن تصاغ المشكلة بوضوح، وتوضع في شكل تساؤل حتى يسهل تحديدها.
- يجب التعبير بدقة عن المشكلة بحيث يتضمن ذلك التعبير إمكانية الاختبار.
ومن السؤال الرئيس( مشكلة الدراسة ) تنبثق عدة أسئلة فرعية لتسهيل عملية الإجابة على التساؤلات بدقة، وفقا لقول الشاعر:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أحادا
فروض الدراسة
فروض الدراسة هي إجابات مؤقتة ذكية لتساؤلات الدراسة،وهى نوعان
- فرضيات صفرية وتعني انه لا توجد فروق (علاقـة)دالة إحصائيا في (بين) متغيرات الدراسة.
- فرضيات موجهة وتعني أنه توجد فروق (علاقة) دالة إحصائيا في (بين) متغيرات الدراسة.
ويفضل كتابة فروض الدراسة بعد الدراسات السابقة والتعليق عليها، لأنها في الأساس معتمدة عليها، وعلى نتائجها، ومستمدة منها.
أهداف الدراسة
وفيه يبرز الباحث الهدف من إجراء الدراسة، وفي الغالب تكون الأهداف مرتبطة بمشكلة الدراسة والأسئلة الفرعية، حيث كل تساؤل في حد ذاته هدف لذا يرى البعض أنه مادام هناك تساؤلات فلا داعي للأهداف ، ويرى البعض أن توضع التساؤلات والأهداف، حتى ولو كان هناك تكرارا.
أهمية الدراسة
من خلال مقدمة البحث يصل الباحث إلى أهمية قيامه بالدراسة المقترحة من الناحيتين العلمية والتطبيقية ويعطي من الأدلة والأسباب ما يؤكد هذه الأهمية ويبرزها ويدعو إلى القيام بالدراسة ، وهنا يبرز الباحث أهمية بحثه من الناحية الاجتماعية، والبحثية، وأهل الاختصاص.
الإطار النظري والمفاهيم
وفيها يبرز الباحث التعريفات الأساسية لمصطلحات بحثه، والنظريات المفسرة لهذه المصطلحات، ويتم التعليق عليها، والربط فيما بينها.
الدراسات السابقة
يتم تجميع بعض الدراسات السابقة التي لها صلة مباشرة بالموضوع قيد الدراسة، ويتم تلخيصها ورصدها، ثم التعليق عليها، ويراعى عند تلخيصها ذكر عنوان الدراسة، اسم الباحث، سنة الدراسة، مكان إجراء الدراسة، هدف الدراسة، أدوات الدراسة، عينة الدراسة، أهم نتائج الدراسة.
منهج الدراسة
المنهج عبارة عن طائفة من القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلى الحقيقة في العلم ، ويمكننا القول بأن المنهج هو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسته للمشكلة لاكتشاف الحقيقة، ويوجد العديد من أنواع المناهج منها،
- المنهج التاريخي: هو المنهج الذي يستخدمه الباحثون الذين تشوقهم معرفة الأحوال والأحداث التي جرت في الماضي.
- المنهج التجريبي: هو المنهج الذي تتضح فيه معالم الطريقة العلمية في التفكير بصورة جلية، لأنه يتضمن تنظيما يجمع البراهين بطريقة تسمح باختيار الفروض والتحكم في مختلف العوامل التي يمكن أن تؤثر في الظاهرة موضع الدراسة، والوصول إلى العلاقات بين الأسباب والنتائج، وتمتاز التجربة العلمية بإمكان إعادة إجرائها بواسطة أشخاص آخرين مع الوصول إلى النتائج نفسها إذا توحدت الظروف.
- المنهج الوصفي: هو المنهج الذي يدرس ظاهرة ما، فإن أول خطوة يقوم بها هي وصف الظاهرة التي يريد دراستها وجمع أوصاف ومعلومات دقيقة عنها، وهو مرتبط منذ نشأته بدراسة المشكلات المتعلقة بالمجالات الإنسانية، وما زال هذا هو الأكثر استخداما في الدراسات الإنسانية حتى الآن وذلك لصعوبة استخدام الأسلوب التجريبي في المجالات الإنسانية، ومن أمثلة الأساليب
التي تستخدم في الدراسات الوصفية المسحية هي(تحليل النشاط، وتحليل المحتوى).
1- تحليل النشاط: وهو تحليل نشاط الفرد، ومن خلاله يمكن التعرف على:
- نواحي الضعف والقوة في الأعمال التي يقوم فيها الأفراد.
- تحديد أجور العمال التي تتطلب مستويات مختلفة من المهارة والمسئولية.
- التعرف على الكفاءات عند اختيارها لشغل الوظائف المختلفة.
2- تحليل المحتوى:لقد نما هذا الأسلوب وتطور نتيجة للزيادة السريعة في حجم المواد التي تنتجها وسائل الإعلام، وهو معالجة المواد المكتوبة بطريقة كمية، وهو وصف المحتوى الظاهر للاتصال وصفا موضوعيا منظما وكميا.إن اختيار العينة لتحليل المحتوى تمر بثلاث مراحل وهى مصادر العينات(اختيار الصحف أو محطات الإذاعة،أو الأفلام التي تحلل )، واختيار عينة التواريخ(اختيار الفترة التي تتناولها الدراسة)واختيار عينة الوحدات(جوانب الإعلام التي يراد تحليلها)، وكمثال لاستخدام أسلوب تحليل المضمون ندرج هذه الدراسة.
حدود الدراسة
من المهم أن يوضح الباحث حدود الدراسة، وذلك فيما يتصل بجوانب المشكلة ومجالها والعينة أو الأفراد أو المؤسسات التي ستشملها الدراسة، والتحديد يساعد الباحث على التركيز على أهداف معينة ويجعله طوال إجراء دراسته وجمع البيانات وتفسيرها والتوصل إلى نتائج معينة على وعي بحدود دراسته ونتائجه، ويساعد هذا التحديد أيضا في تجنب التعميم الزائد أو تعميم النتائج إلى أبعد من حدود الدراسة، فضلا عما يوفره الباحث من اقتصاد في الجهد والوقت والتكلفة، ويفضل أن يوضح الباحث تبريرات هذه الحدود، ويجب أن تشمل الحد المكاني والزماني والأكاديمي.
عينة الدراسة
لا يستطيع الباحث أن يقوم بكثير من بحوثه دون أن يستخدم أساليب معينة لاختيار العينات وذلك لأنه ليس من السهل عادة عند دراسة ظاهرة معينة في مجتمع أصلي أن يقوم بدراسة جميع أفراد ذلك المجتمع، ومعظم الدراسات التربوية والنفسية إن لم يكن كلها من ذلك النوع الذي تستقي بياناته من مجموعات صغيرة نسبيا من الأفراد، وبما أن هدفها أن نتوصل إلى استنتاج صحيح عن المجتمع الأصلي الذي اشتقت منه فهي دراسات لعينات، لذلك يجب أن تكون العينة ممثلة للمجتمع الأصلي.
أنواع العينات
- العينة العشوائية البسيطة:تعتمد هذه الطريقة من العينات على المساواة بين احتمالات الاختيار لكل فرد من أفراد المجتمع الأصل، ويتم اختيار هذه العينات بأسلوبين هما:
1- طريقة الصدفة (القرعة): وفيها تكتب أسماء جميع أفراد المجتمع الأصلي على طاقات صغيرة، وتطبق كل بطاقة، ثم تخلط مع بعضها،ثم نختار بالصدفة عدد أفراد العينة المطلوبة.
2- طريقة استخدام جداول الأعداد العشوائية: وفيها يتم تحديد أفراد المجتمع الأصلي وليكن (90) فردا، ثم نحدد عينة الدراسة ولتكن(30)، فردا، ثم نرقم أفراد المجتمع من(1-90)، نعطي كل فرد رقما مكون من خانتين، ولأن أكبر عدد في المجتمع يتكون من خانتين وهو(90)، فيكون أول عدد هو(01) والثاني(02) وهكذا حتى(90)، نستعمل جدول الأعداد العشوائية، ونأخذ كل رقم أقل من(90)، ونهمل العدد الذي يتكرر،ونستمر في القراءة في العمود الأول إلى أن نتحصل على أفراد العينة.
- العينة المنتظمة البسيطة: وفيها يتم ترقيم أفراد المجتمع الأصلي، ثم نختار رقما عشوائيا فليكن رقم(5) فيكون الفرد ذو الترتيب الخامس هو الأول والثاني(10) والثالث(15) وهكذا إلى أن نختار أفراد العينة.
- العينة الطبقية: يتم فيها تقسيم أفراد المجتمع إلى مجموعات حسب (المهنة، الجنس، العمر، الإقامة...)، ثم نأخذ عينة من كل مجموعة يتناسب مع عدد المجموعة.
ولاختيار عينة ممثلة لمجتمع الدراسة تطبق هذه المعادلة لسحب العينة
N0=2tpQ
2D
N0 القيمة المبدئية لحجم العينة.
T القيمة المجدولة عند المستوى(0.05).
P يدل على احتمال الاستجابة الصحيحة.
Q يدل على مستوى الإجابة الخاطئة.
D يدل على مستوى الدلالة (0.05).
إذا كانت نسبة n0:n تقترب من الصفر نكتفي بقيمة n0 وإذا لم يكن فإننا نجد حجم العينة من المعادلة
N1=n0
1+(n0-1)
N
أدوات الدراسة
هناك العديد من الأدوات التي تستخدم في الدراسات منها الاستفتاء، المقابلة، الاختبار.
الاختبار التربوي و النفسي:ومن أبسط الطرق لتصميم الاختبار يجب على الباحث أن يدرس مجال القدرة أو السمة التي يريد أن يقيسها ومن ثم وضع فقرات مناسبة لأبعاد القدرة أو السمة، ويمكن أن يستمد هذه الفقرات من المجال نفسه أو طرح سؤال مفتوح للحصول على إجابات مختلفة يتم تحديد الفقرات من خلالها، ثم عرض هذه الفقرات على أهل الاختصاص لتحديد مدى انتماء هذه العبارات للمجال الذي يريد الباحث قياسه، والعبارات التي يتم الاتفاق عليها بنسبة (80%) تبقى والأقل من ذلك تحذف.
الخصائص السيكومترية للاختبار (تقنين الاختبار)
حساب الثبات سنتطرق لأكثر الطرق شيوعا وهي:
- طريقة إعادة الاختبار:وفيها يتم تطبيق الاختبار ثم يعاد تطبيقه مرة أخري في فترة زمنية لا تقل عن أسبوعين، ثم يحسب معامل ارتباط بيرسون بين الاختبارين (معامل الارتباط هو معامل الثبات).
- طريقة التجزئة النصفية:وفيها يتم تقسيم فقرات الاختبار إلى فردية وزوجية، ثم يحسب معامل الارتباط بين مجموع الفقرات الفردية والزوجية، ثم يحسب معامل الثبات باستخدام معامل سبيرمان براون.
- استخدام معامل ألفا لكرونباخ ويفضل استخدامها في حالة الاختبارات المدرجة بطريقة ليكارت.
- استخدام معامل الثبات لكيودر-ريتشاردسون ويفضل استخدامه في حالة الاختبارات التي تكون فيها الإجابة (1 أو صفر).
- طريقة الصورتين المتكافئتين وفيها يتم تصميم صورتين متكافئتين من الاختبار ويتم عرض الصورة الأولى على أفراد العينة ثم تطبق الصورة الثانية على أفراد نفس العينة ثم يحسب معامل الارتباط بينهما ويكون هو معامل الثبات.
حساب الصدق سنتطرق لأكثر الطرق شيوعا وهى:
- الصدق الذاتي ويعرف بالثبات القياسي وهو عبارة عن الجذر التربيعي لمعامل الثبات.
- حساب الاتساق الداخلي وهو حساب معامل الارتباط بين كل فقرة والمجموع الكلي للفقرات، وتبقي الفقرة التي تتمتع بمعامل مرتفع، وتحذف الفقرة التي لها معامل منخفض، البعض لا يعتبر هذه الطريقة من طرق حساب الصدق بل هي مؤشر فقط للصدق.
- التحليلي العاملي ويهدف إلى معرفة مدى قياس الاختبار للظاهرة التي صمم الاختبار لأجلها، وتعتمد فكرته على حساب معاملات الارتباط بين كل عبارة والعبارات الأخرى، وتتجمع نتيجة معاملات الارتباط (مصفوفة ارتباطيه) تنقسم إلى تجمعات، ويجمع بين كل مجموعة عامل أو أكثر، ونتيجة لهذه العملية، فإن الاختبار يختزل إلى عدد صغير من العوامل أو السمات المشتركة والتي يطلق عليها المكونات الأساسية للظاهرة التي يقيسها الاختبار.
- صدق المحكمين وفيه تعرض الفقرات على أهل الاختصاص والعبارة التي يتم الاتفاق عليها بنسبة لا تقل عن (80%)تؤخذ أما التي تقل نسبتها عن ذلك تحذف، وهذه الطريقة تكون في بداية عملية التقنين.
- الصدق التلازمي (المحكي) وفيه يتم حساب معامل الارتباط بين الاختبار قيد الدراسة واختبار آخر معد مسبقا ومقنن على أكثر من بيئة أي أن له نسبة صدق وثبات مرتفعين بعد أن يتم توزيعهما على نفس العينة في آن واحد.
المقابلة
تمتاز المقابلة عن غيرها من الأدوات أنها تتيح الفرصة لملاحظة الأفراد وهم يعملون.
للمقابلة ثلاثة جوانب يجب مراعاتها:
- إخبار المستجيب بطبيعة مشروع البحث وبأن تعاونه أمر مرغوب فيه.
- تشجيع المستجيب على التعاون وحثه على ذلك.
- الحصول على المعلومات والبيانات.
تصنف المقابلات حسب الهدف منها إلى: مسحية، تشخيصية، علاجية، وإرشادية، فنج مثلا أن المقابلة المسحية تستخدم للحصول على معلومات وبيانات من الأعلام في ميادين تخصصهم وعملهم، أو ممن يمثلون جماعات يرغب الباحث في الحصول على معلومات وبيانات عنهم، وأيضا في الاقتراع السياسي وقياس الرأي العام، وتهدف المقابلة التشخيصية إلى فهم مشكلة معينة وتقصي الأسباب التي أدت إلى نفاقهما بحالتها الراهنة وخطورتها، وتهدف المقابلة العلاجية إلى مساعدة الفرد على فهم نفسه على نحو أفضل ووضع خطة لعلاجه، وتهدف المقابلة الإرشادية إلى تمكين الفرد من أن يفهم مشكلاته على نحو أفضل، وأن يضع خططا سليمة لحل هذه المشكلات.
توجيهات أساسية للمقابلة الجيدة
- حدد الأشخاص الذين تقابلهم.
- الإعداد للمقابلة.
- تحديد خطة المقابلة وأسئلتها.
- التدريب على أسلوب المقابلة.(خلق جو ودي، إلقاء الأسئلة وصياغتها، الحصول على الاستجابات).
- التثبت من البيانات والمعلومات.
- تسجيل المقابلة.
الأساليب الإحصائية
توجد العديد من الأساليب الإحصائية ، ولابد من اختيار الأسلوب المناسب لمعالجة فروض الدراسة، وأسئلتها، ويمكن المعالجة الإحصائية بواسطة البرنامج الإحصائي SPSS .